خطبة مؤثرة حول أسباب نزول الغيث
أسباب نزول الغيث - خطبة مؤثرة وقصيرة
بسم الله الرحمان الرحيم
اقتباس من الخطبة:
ما أصبنا به من تأخر الغيث إنما هو جزاء ما كسبت وجوارحنا وقلوبنا، من إضاعة لحدود الله عز وجل، ومن أحقاد وحسد وخصومات وعدم تحري الحلال من الحرام...
الخطبة الأولى:
إِن الحمد لله، نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا، وَمن سيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ...
أما بعد:
معشر المومنين والمومنات: لقد تأخر عنا الغيث هذه الأيام، وطال انتظار الناس الرحمة، لقد تشوقت القلوب وتشوفت النفوس؛ حتى رفعوا أيديهم وتضرعوا لله قائلين «اللهم اسق عبادك وبهِيمتك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت»،«اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين»، ولكن هذا الدعاء المجرد وحده لا يكفي، إن لم نغير أحوالنا ونصطلح مع مولانا، فما أصبنا به من تأخر الغيث إنما هو جزاء ما كسبت وجوارحنا وقلوبنا، من إضاعة لحدود الله عز وجل، ومن أحقاد وحسد وخصومات وعدم تحري الحلال من الحرام، قال الله عز وجل (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)، وحتى لو جاء المطر وهذه أحوالنا فإنما يأتي من أجل البهائم العجماء والطفولة البرئية، قال النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :« وَمَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ،وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا»
عباد الله: إن تأخر الغيث فرصة للرجوع إلى الله، وفرصة لنتعلم من القرآن الكريم كيف نستسقي ونستغيث بالطريقة الصحيحة السليمة؛ فتعالوا بنا نتدبر كتاب الله عز وجل لنرى الأعمال التي ربط بها ربنا عز وجل نزول الغيث:
أولا: يقول المولى عز وجل (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون)، ربط الله عزو جل نعمة الغيث بالإيمان والتقوى، والإِيمَانُ هو مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ بالجوارح، وهو يزداد بالطاعات وينقص بالمعاصي كما رأينا في الخطب الماضية، والتقوى كما عرفها العلماء هي: امتثال الأوامر واجتناب النواهي، وعرفها سيدنا علي رضي الله عنه بأنها: "هي:الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل"، وهي خير زاد يتزود به للدار الآخرة،قال الله عز وجل (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ).
ثانيا: ربط الله تعالى نعمة المطر بالاستقامة، فقال سبحانه:(وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا)، والاستقامة: هي سلوك الصراط المستقيم والثبات على الإيمان والتقوى إلى خروج الروح، وهي وصية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لأمته، روى الإمام مسلم عن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه قال: قلت : يا رسول الله ، قل لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عنه أحدًا بعدك ، قال: «قل : آمَنْتُ بالله ، ثم استقم».
ثالثا: ربط الله تعالى نعمة الغيث بالتوبة والاستغفار، فقال سبحانه على لسان سيدنا نوح عليه السلام: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً)، وقال تعالى على لسان سيدنا هود عليه السلام: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً)؛ والتوبة هي: الندم على ذنوب ارتكبت مع الإقلاع عنها وعدم العودة إليها، ورد المظالم إلى أصحابها ، والاستغفار هو: طلب المغفرة من الله تعالى، والتوبة والإستغفار شعار الأنبياء والصالحين، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قَالَ: سمعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، يقول:« والله إنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله وأَتُوبُ إِلَيْه في اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً».
نفعني الله واياكم بالقرآن المبين، وبحديث سيد الأولين والآخرين، وغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله ومن والاه، أما بعد :
عباد الله: مَنْ الذي لا يقع في المعصية والخطيئة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى الإمام مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ »، وقال كذلك: « كُلْ ابْنُ آَدَمَ خَطَاءٌ وَخَيَرُ الخَطَائيِنْ التَوابُون »، والاستغفار يمحو الذنب، ويطهر القلب، ويكشف الهم والكرب، روى أبو داود والنسائي وابن ماجه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «مَن لزِمَ الاستغفار جعلَ اللهُ لَهُ من كل ضِيقٍ مَخرَجا،وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجا ، ورَزَقَهُ من حيث لا يَحْتَسِبُ».
الا فلنتق الله عباد الله ولنصطح مع مولانا عز وجل، ولنجدد الإيمان في قلوبنا ولنجاهد أنفسنا ولنتعاون على الإستقامة عسى ربنا أن يغيثنا ويغير أحوالنا إلى أحسن الأحوال (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).
الختم بالدعاء ...